اعتاد سكان حي الألفة(حي وادي الذهب سابقا) بسلا على سماع أخبار السرقة تحث التهديد بالسلاح الأبيض.فهذه الأخبار أصبحت عادية بحكم شيوعها وقدمها،بيد أن الصدمة حدثت عشية يوم الجمعة 8أبريل 2016 عندما تم قتل طفل قاصر بوحشية غدرا في إطار تصفية حسابات بين المجرم وخال الضحية حسب رواية بعض الجيران.مثل هذه الأحداث تساءل البرامج السياسية المسطرة و الوزارة الوصية للقضاء على انحراف الشباب لاسيما القاصرين منهم.
تبدأ الحكاية عندما يفتح الطفل عينه عن أبناء الحي في غياب المراقبة الأسرية و الوعي العائلي بضرورة التربية الحسنة و بدل الجهد في ذلك عوض الاكتفاء بترديد بعض المقولات من قبيل “لمربي من عند الله” تملصا من المسؤولية الملقاة على عاتق الآباء بتكوين جيل ناضج عاطفيا و فكريا.وبعض هؤلاء الآباء هم كذلك ضحايا سوء التربية الخلقية و انعدام الخبرة في الحياة و الاستعداد للحياة في المدينة بسبب الهجرة القروية. فبعد أن يبد أ الطفل سنوات المراهقة يصبح أكثر لزوما لأقرانه وهنا تكون نقطة التحول. فإذا كان الجو السائد يجنح نحو الدراسة و الاجتهاد فإن التفوق الدراسي يكون من نصيب هذا الطفل و العكس صحيح عندما يكون القدوة السيئة يعيش بالقرب و ينشر ثقافته السجنية و مغامراته التي لا تنتهي بحيث يبرمج عقل الطفل على المضي في هذا المسار.هناك أيضا نموذج آخر بالحي حيث يتأثر الأطفال بأحد النماذج السلفية و يصبح من المتدينين السلفيين و يشق طريقه على هذا النحو. ففي جميع هذه الحالات يلاحظ غياب الأسرة لأنها لا تستطيع أن تقدم إجابات مقنعة تقي الطفل من ثقافة الشارع.
فبعد أن يجرب الطفل التدخين للوهلة الأولى مجانا على حساب الأقران والمتمرسين، تبدأ مرحلة الاستهلاك الأولي خلسة من الأسرة و بعدها تلاحظ الأسرة أن طفلها أصبح كثير الإلحاح على المال مقدما عدة مبررات إلى أن يبلغ السيل الزبى وتنقعطع شعرة معاوية ويشرع في بيع ملابسه لزملائه و بعض أثاث الأسرة أحيانا لشراء علب السيجارة التي لا تنتهي.بعد أن تعي الأسرة بالأمر و تقطع على الطفل مصدر المال لشراء السيجارة، يضطر هذا الأخير إلى تبني أسوأ حل هو امتهان السرقة لتغطية مصاريف البلية و بالتالي يصبح قاطع طريق ولا أحد ينكر ما قد يحدثه الإدمان للأفراد بحيث يحكى أن أحدهم قبل أن يمارس عليه الجنس مقابل تدخين سيجارة ولم يكن مثليا. هناك من الأسر من لا تحسن تدبير هذه المرحلة و تضطر إلى تعنيف القاصر و الصدامات و تزيد من حدة الأمر و بالبعض الأخر يستسلم و يضطر إلى توفير مصروف التدخين لعل و عسى يقلع عن ذلك يوما.و الأسوأ من كل ذلك هو تعاطي الطفل إلى تدخين الحشيش لأضراره الاقتصادية و الفكرية. زد على ذلك أقراص الهلوسة و استنشاق بعض المواد لتخدير العقل.
ولسوء الحض لازلنا نعتقد أن كل من يذهب عند الطبيب النفسي هو أحمق و هذا عامل معرقل بحيث نجد أن بعض الأسر تدفع أموال طائلة مخافة أن لا يذهب أبنائها إلى السجن و عاجزة عن زيارة طبيب نفسي أو مساعد نفساني لمساعدة الطفل على تخطي الإدمان.فكم من مراهق أصبح مجرما في غياب من يتابع حالته النفسية و ينصحه عندما تسوء علاقته مع محيطه و يصبح لا يتقبل من يتحدث معه و يوجه. كما أنه ينبغي أن تكلف السلطات المحلية بتسجيل حالات الانقطاع عن الدراسة و الانحراف في الأحياء بغية تفعيل إجبارية التكوين المهني حتى بلوغ عشرين سنة وتزويد هذه الشريحة بالمهارات الفكرية اللازمة حتى تصبح أكثر اندماجا في محيطها و أكثر إنتاجية لأن يلاحظ أن الانحراف لصيق بالفئة العمرية ما بين 17 و 22 لأنه بعد انقضاء هذه الفترة يتحدد مصير الفرد.كذلك على الوزارة الوصية تحسيس الأسر بضرورة تربية أطفالهم تربية حسنة وسليمة و تسطير برامج اجتماعية ناجحة و الاحتكاك بالمواطنين عوض الجلوس في المكاتب المكيفة و الاستفادة من امتيازات المنصب.ولا أستغرب من هزيلة الإنجازات الاجتماعية لأن المناصب الوزارية لازالت غير خاضعة للبرمجة القبلية في ظل غياب مديرية وطنية للبرامج الحزبية.
ولغرض تحصين المجتمع من الانحراف، أقترح تدريس بعض المواد القانونية الأساسية للتلميذ المغربي في المرحلة الثانوية و أخص بالذكر الدستور المغربي و مدونة الأسرة و القانون المدني و القانون الجنائي و قانون الالتزامات و العقود و بعض النصوص الأخرى التي تناسبه لأن الفرد المغربي في حاجة إلى ذلك. فالعديد من خريجي الجامعات يجهلون النصوص القانونية و هذا أمر في غاية الخطورة.و كم من فتاة تتزوج بعد الباكالوريا مباشرة دون علمها بمقتضيات مدونة الأسرة. وأعتقد جازما أن معرفة النصوص القانونية ستعمل على ردع التصرفات الطائشة للعديد من الأفراد.و ما يحتاجه هؤلاء و غيرهم هو تربية قانونية ترشدهم إلى الصالح العام. فأحيانا قد يؤدي الجهل بالقانون الأفراد إلى ارتكاب الجرائم لإحساسهم بضيق الأفق و استحالة استرجاع الحقوق.حيث أن إشاعة الثقافة القانونية من شأنها أن تجنب المجتمع عدة انزلاقات ؛فالمغرب في حاجة إلى مساهمة كل أبنائه لدفع عجلة التنمية إلى الأمام و لما لا التفوق على باقي الشعوب الأخرى.