نشر في : 27/02/2016 12:00 AM
كان من المفترض أن تغير التكنولوجيا عقولنا نحو الأفضل. خصوصاً وسائل الاتصالات الحديثة، فقد كنا نأمل أن نصبح أكثر تطوراً ونشارك أذكياء العالم في بناء كون جديد لا وجود فيه لأكبر قرص فلافل عربي يسعى لدخول موسوعة غينيس. ولكن الذي حصل أثبت أننا نحن الذين غيرنا التكنولوجيا وجعلناها متخلفة لتناسب مقاسات عقولنا، تماماً مثلما نوسع الثوب حين نزيد بضعة كيلو غرامات، أو نضيقه حين نخسرها بالدايت، والحالة الثانية نادرة، فأحدنا يجرب كل أنواع الريجيم دون جدوى، إلى أن يخصمها بالتكميم.
ما دفعني الى كتابة هذه المقدمة، هو انتشار صورة بشكل رهيب عبر برامج التواصل في الموبايلات، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي في الإنترنت بشكل عام، ولم أكن لأكتب عن هذه الصورة لولا أنني فوجئت بوجودها في «قروبات» للمثقفين والمتعلمين على مستوى عالٍ دون أن يعترض عليها أحد أو ينور عقول الناس بها أحد من أولئك المثقفين الذين أهلكوا أبصارنا بكتاباتهم التنويرية.
الصورة هي عبارة عن غابة ينزل منها عدة شلالات لتشكل جميعها لفظ الجلالة «الله»، ومكتوب على هذه الصورة أن هذا المشهد عثر عليه في غابات بالبرازيل، وبأن السلطات البرازيلية منعت الناس من مشاهدتها كي لا يعتنقوا الإسلام..!
من الوهلة الأولى يمكن للمتمعن أن يكتشف أن هذه الصورة هي رسم يد وليست صورة فوتوغرافية، وقد بدا ذلك واضحاً من الألوان والعناصر الموجودة في الصورة، الأمر الأهم من ذلك، هو أن من نشرها يقول انها وجدت في البرازيل، حسناً فكيف تمكن البرازيليون من قراءة لفظ الجلالة وهو مكتوب بالحروف العربية؟
الأمر الثالث، كان على «مثقفي الواتس» التنويريين أن يوعوا الناس بأن حكومة البرازيل ليست متشددة في نشر الإسلام على أراضيها بدليل أن هناك مراكز إسلامية تعمل بحرية، ومنها مركز يعمل فيه أكاديمي من الكويت هو الدكتور بدر المحيلبي وموجود في مدينة بارانا البرازيلية. ولكن لا نعرف عن البرازيل إلا كرتها، وقهوتها.
ولكن ليس مطلوباً من العلمانيين أن ينوروا الناس في المسائل الدينية، بقدر ما هو مطلوب من رجال الدين، وهؤلاء يعرفون جيداً الحادثة الشهيرة في زمن النبي محمد عليه الصلاة والسلام، عندما كُسفت الشمس، وكان ذلك في اليوم الذي مات ابنه إبراهيم، فقال الناس كُسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله: «إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم فصلوا وادعوا الله».. وقضي الأمر لغاية هذا الحد.
المصــدر : موقع جريدة القبس من هنا