تقزيم العملاق وعملقة القزم استراتيجية ابليسية بدأت مع بدء الخليقة . فالله عز وجل أسكن آدم وحواء عليهما السلام الجنة وحرم عليهما الأكل من شجرة واحدة ، فجعل ابليس من هذه الشجرة أمرا عظيما ، وجعل من عدد ضخم من الأشجار لا يحصيه إلا الله تبارك وتعالي شيئا منسيا ، بزعم أن الأكل من الشجرة سيجعل من أبوينا الكريمين ملكين أو يجعلهما من الخالدين .وهذا النهج الذي أصله ابليس مستمر في حياتنا ، ونستطيع تلمسه في قطاع غسل العقول والأدمغة وتغيير توجهات ومناهج وعقائد البشر
أي القطاع الإعلامي الذي كثيرا ما ضَخم من قضايا هامشية لا قيمة لها ، وتناسي وأهمل قضايا تستحق ألا تُترك مهما كانت المبررات والأعذار .
ومن هذا النوع المتروك – قصدا في الغالب – قضية اختطاف ما يزيد علي عشرة آلاف طفل سوري في القارة الأوروبية منذ بدء لجوء السوريين الفارين من جحيم الحرب وأهوالها وفظائعها في بلادهم إلي القارة الأوروبية خلال العامين الماضيين .
والتوقعات والتخمينات وراء دواعي الاختطاف كثيرة ، منها تجارة الأعضاء البشرية ، ومنها استغلال هؤلاء الأطفال في أفعال مشبوهة . والتوقع الذي يجد له شواهد وقرائن عديدة هو وقوف جماعات وجمعيات تبشيرية وراء عملية الاختطاف.
يدعم ذلك ما ظهر من تصريحات ومواقف عديدة ومتنوعة تناقلها البعض عن جهات رسمية وغير رسمية تطالب بأن يكون من له حق اللجوء في أوروبا مسيحيا أو يتحول إلي المسيحية.
وهذا الموقف لم يعد قاصرا علي القارة الأوروبية التي طالما صَدعتنا بقيم لم تثبت علي أرض الواقع ، بل امتد إلي الولايات المتحدة التي يتباري مرشحوها الجمهوريون للرئاسة الأمريكية في سب وشتم والتقليل من شأن المسلمين واحتقار اللاجئين السوريين ومعاملتهم كلصوص أو إرهابيين حتي يثبت العكس.
ولعل ما يدعم أيضا فكرة التبشير أن القارة الأوروبية قارة تعاني من الشيخوخة وتصرخ منذ زمن من زيادة نسبة المسلمين ، وأن القارة قد تتحول إلي بحيرة إسلامية لو استمرت نسبة المواليد المرتفعة للمسلمين والمتراجعة لدي المسيحيين علي المنوال الحالي . ولا يُوجد طريق آخر للتعامل مع هذه الأزمة الأوروبية بعد أن فشلت الدعوات والحوافز المالية في زيادة أعداد المواليد إلا بتربية أطفال وتنشئتهم علي القيم الأوروبية ، ولا يُوجد حل سحري وجاهز غير أطفال سوريا الذين لا يجدون ناصرا لهم اسلاميا أوعربيا .
ولعل هذا التوقع يبرر أويُفسر أيضا هذا الموقف الأوروبي والأمريكي الذي طالما ساهم في صب الزيت علي نيران الحرب في سوريا وأطال أمد الدمار والخراب الذي طال كل شيء ، ويبدو أن حل الأزمة السورية لن يأتي قبل أن تحل أوروبا أزمة شيخوختها .