هذان المفهومان من منظوري الخاص، قدمتهما للقراء في بحر عام 2008م. وإلا فإن الفكر الظلامي الديني تعبير شائع قبل هذه السنة. إنه – من منظور خصوم الإسلاميين – كل ما يمت بصلة إلى المطالبة بالاحتكام إلى شرع الله. فالمطالبون به عند خصومهم الأيديولوجيين “ظلاميون”! وما يطالبون به “ظلام”. فكيف إذن يتم استقبال الظلاميين بالأحضان. ومن ثم السماح باعتماد الفكر الظلامي الديني لإدارة شؤون دول، قطعت أشواطا بعيدة في الاحتكام إلى الفكر العلماني النوراني أو التنويري! بعد أن ألقت بالأحكام الشرعية العملية البالية – بإيعاز من الاستعمار- في سلة المهملات! والتي أضحت عندها من بقايا عهود التخلف والرجعية؟
وكان وعيي بهذه المقاربة يقتضي تحديد ما يلزم وصفه بالفكر الظلامي الديني، بناء على منطق عقلاني بعيد عن أي التباس. وإلا فإن الإمبراطورية الإسلامية، وبعدها الدول المستقلة عنها – وهي تدير شؤونها بفكر سوداوي قاتم – بعيدة كل البعد عن انتاج ثقافة وحضارة، بحيث إننا نقف على الأولى في اللغة العربية والنحو والصرف، والبديع والبيان، وعلم الكلام، وعلوم الفقه، وعلوم الحديث، والطب والهندسة،، وباقي العلوم التي أوردها ابن خلدون في مقدمته المشهورة، هذه التي بوأته مكانة مؤسس علم الاجتماع من جهة، ومكانة مؤسس فلسفة التاريخ من جهة أخرى. وبحيث إننا نقف على الثانية في مختلف الصناعات والفنون اليدوية، بغض النظر عن فن العمارة الذي لا يزال قائما في شتى أرجاء العالم الإسلامي! مما يفرض التساؤل عما إذا كان الفكر الظلامي الديني الرجعي الدامس المتخلف، هو الذي قام وراء ما ينسب إلى المسلمين بوضوح من تقدم وازدهار وابتكارات في كافة الميادين!