صباحٌ مرتعشٌ برداً..
17-1-2016 | 16:20
.
سعدي يوسف
أفتحُ عينيّ، صباحَ العامِ الجديدِ، هنا، حيث أقيْمُ ، في الريف الإنجليزيّ.
اليوم جمعةٌ.
في الحقول المحيطة التي أراها من موضعي، غطّى الصقيعُ، العشبَ النضيرَ، وحطّتْ طيورٌ بينها الغربانُ تنبش عن ملتقَطٍ.
لا صوتَ.
حتى السناجبُ المرِحةُ، التي تتواثبُ خفيفةً، اختفتْ ، لائذةً بأوجارٍ أو بملتَفِّ نبْتٍ.
القرية (واسمُها هَيرفيلد يعني حقلَ الأرانبِ) ستظل نائمةً حتى الضحى العالي. المخزنُ الهنديّ فقط سوف يفتح أبوابه، مبكراً.
ماذا بمقدوري أن أفعلَ، في المنتأى؟
سأحتفي بالعام الجديد، مع ضيوفٍ، وصديقةٍ. سيكون يوماً هادئاً ، فيه من الحُبّ قدرَ ما فيه من التواضع.
ولسوف أراجعُ، خفيفاً، أيامَ العامِ الذي ودّعتُه، كي أستقبلَ العامَ الذي هلَّ، بما يليق.
لن أشعرَ بالخيبةِ وأنا أراجعُ ما فعلتُه.
العام 2015 كان في منتهى المأمولِ، مأمولي.
لم يخذلْني فيه جسَدي.
ولم تخْبُ، أو تَخِب الروحُ.
الشأنُ العامُّ، كان مريراً، قاسياً:
في بريطانيا، تردّت أوضاعُ الناسِ، الفقراءِ منهم، وا زدادت المتاعبُ في المسكنِ والمطعم. لكن عودة الروحِ إلى حزب العمّال، مع انتخاب جيريمي كوربِن زعيماً للحزب، منحتْني، أنا الفقير إلى الله، فسحةً من الأمل.
في منطقة الشرق الأوسط، وأعني منها، العراقَ، كان العامُ مؤلماً:
الهجرة المريرةُ إلى شمال العالَم القاسي.
الحرب الأهلية بين الطوائفِ التي كلّفتْ عشراتِ الآلافِ من الأرواحِ.
انتهاب البلادِ حتى بلغ الانتهابُ، حدَّ الإفلاسِ الفعليّ.
التردّي الاقتصادي، وتفاقم الفسادِ، وافتقاد الأمن والأمان.
عودة جنود الاحتلال…
*
ليس، ثمّتَ، ما يومئ بالتفاؤلِ فيما اتصَلَ بالسياسات. ورُبّتَما كان العام 2016 أسوأ من العام 2015!
*
أعودُ لأنظرَ من النافذة المطلّةِ على الساحة الصغيرة. الساعة الآن جاوزت الحاديةَ عشرةَ ضحىً. اختفى الصقيع الخفيف. العشبُ النضيرُ عاد إلى نضارته وخُضرته العميقة. بعد قليل ستظهرُ السناجب.
*
وأعودُ لأتحدّثَ عمّا أنجزتُه في العام 2015، ثقافيّاً: في التأليف والإبداع.
لقد أنجزتُ ثلاثةَ كتُبٍ:
حياة في خريطة، وهو ترجمتي لقصائد من الشاعر البرتغالي الصديق نونو جوديس.
محاولات في العلاقة، وهو ديوانٌ جديدٌ لي يضمّ نحو خمسين قصيدةً.
الدروبُ الذهبُ وهو كتابُ تناصٍّ مع ابن بطوطة ، بعد أن وجدتُ أنني كنتُ في أكثر من ثلاثين بلداً مرَّ بها ابن بطوطة المغربيّ الطنجيّ في رحلته الشهيرة!
يضمّ هذا الكتابُ نصوصَ ابنِ بطوطة، ونصوصي أنا التي كتبتُها عن تلك الأماكن المشتركة بيننا.
*
أمسِ، وفي مُهاتَفةٍ من الرباط، عاصمة المملكة المغربية، تلقّيتُ من وزارة الثقافة هناك، ما يشير إلى أن المعرض الدوليّ للكتاب بالدار البيضاء سوف يخصِّصُ يوماً للاحتفاء بإصداراتي الثلاثةِ.
الموعدُ:
الساعة الحادية عشرة، من يوم الأحد، الرابع عشر من فبراير.
*
إذاً!
سأستقبلُ العام 2016 ، واثقَ الخطوةِ…
*
إنّ الثمانينَ، وبُلِّغْتَها!
وأنا، الآن، مع 2016، لي اثنتان وثمانون …
لندن 01.01.2016
المقال مأخوذ من موقع الأهرام العربي
الرابط: من هنا