أصبحت ظاهرة أطفال الشوارع بالمغرب من الظواهر المقلقة والمسيئة لمجتمعنا، خصوصا أمام تناميها و اقتصار الدراسات السابقة – رغم قلتها- على حصرها في العنصر الذكوري فقط. لذا ارتأينا اليوم تقديم قراءة للإعلامية و الباحثة صفاء الشرقاوي التي خصتنا بملخص لكتاب الدكتور محمد مومن ،الذي يحمل عنوان “ظاهرة أطفال الشوارع بالمغرب- دراسة ميدانية
تكمن أهمية هذا الكتاب في كونه أول بحث يتناول الظاهرة من كلا الجنسين، ناهيك عن المنهجية العلمية المعتمدة من طرف الدكتور و التي ساهمت في إغناء البحث العلمي المرتبط بالظواهر الاجتماعية والنفسية ،وما أحوجنا لهذا النوع من الدراسات.
تناول البحث المعتمد إشكالية أطفال الشوارع بالمجتمع المغربي من خلال رصد الظاهرة ومحاولة دراستها ومقاربتها من بعض جوانبها الأساسية الاجتماعية والنفسية، حيث تهدف هده الدراسة الاطلاع بجلية على خصائص أطفال الشوارع و الوقوف عند الاسباب والعوامل التي دفعت بهم الى اللجوء إلى الحياة بالشارع، ثم التعرف على الظروف الاجتماعية والنفسية التي يعيشها هؤلاء الأطفال من خلال حياتهم بالشارع و انتظر اتهم و تمثلا تهم ، وأخيرا توفير معطيات تساهم في ايجاد حلول ممكنة ترمي الى مواجهة الظاهرة والحد من خطورتها. وفقا للمنهجية المتبعة و التي تحترم بدقة أسس البحث العلمي، تم التوصل إلى أن ظاهرة أطفال الشوارع ذكورا كانوا أو إناثا تعود إلى العديد من العوامل والاسباب يتجلى اهمها في تردي الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية للأسرة . مما يساهم بشكل كبير في لجوء أطفالها إلى الحياة بالشارع وذلك باعتبار هذا الأخير متنفسا للطفل وفضاء للبحث عن هويته، حيث يعيش طفل الشارع في وضعية الشعور بالحرمان والإقصاء وعدم الاستقرار، وبين الوضعية التي يتطلع لها عبر انتظارا ته وتمثلانه، ناهيك عن عدم فعالية التدابير الوقائية العلاجية المتخذة، ابتداءا من الأسرة، المدرسة، المنظمات و المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المهتمة بأطفال الشوارع بالمغرب، التي تفتقر إلى الفعالية و النجاعة. حيث اتضح أن الواقع المعاش غير ما يتوق إليه المشرع، ذلك لظروف كثيرة تحول دون التطبيق السليم لمقتضيات القانون.
وبينت الدراسة الميدانية لهدا البحث على أن هناك غياب آليات التنسيق بين المتدخلين الحكوميين و غير الحكوميين المهتمين بهده الظاهرة، في غياب رؤية موحدة بالنسبة لأساليب عمل الجمعيات العاملة في مجال الطفولة في وضعية صعبة ، و منها أطفال الشوارع، كذلك عدم تعاون الأسر- إن وجدت- التي لها أطفال في الشوارع مع الجمعيات المهتمة بهده الظاهرة زيادة عن غياب الأطر المتخصصة والفاعلة في محاربة هذه الآفة. فظاهرة أطفال الشوارع بمجتمعنا ،قضية تتجاوز الإطار القانوني الحقوقي الصرفي، حيث وجب أن يكون الإشراف على هذه الظاهرة مشتركا بين المنظمات غير الحكومية والمتوفرة على الإمكانيات المادية و المعنوية الضرورية وبين مصالح الدولة المعنية التي تضع الأطر المتخصصة و الكفؤة رهن الإشارة ، والى تكتل كافة جهود فعاليات المجتمع لاحتضان هذه الطفولة التي تمثل مستقبل الغد وقوته المنتجة.